www.tasneem-lb.net

قرآن

ديني - قرآننا (آل عمران 169-171)

قرآننا

 

قال تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُم يَحْزَنُونَ (170) ۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [ آل عمران].

 

التّفسير - الجزء الثالث

- شهادة على بقاء الرّوح :

 تعدّ الآيات الحاضرة من جملة الآيات القرآنية ذات الدّلالة الصّريحة على بقاء الرّوح.

فهذه الآيات تتحدّث عن حياة الشّهداء بعد الموت والقتل. وما يحتمله البعض من أنّ المراد بهذه الحياة هو معنى مجازي، وأنّ المقصود هو بقاء اسمهم، وخلود آثارهم، وأعمالهم وجهودهم بعيد جدًا عن معنى الآية، وغير منسجم أبدًا مع أي واحد من العبارات الواردة في الآيات الحاضرة، سواء تلك الّتي تصرّح بأنّ الشّهداء يرزقون، أو الّتي تتحدّث عن سرورهم من نواح مختلفة، هذا مضافًا إلى أنّ الآيات الحاضرة دليل بَيّن وبرهان واضح على مسألة " البرزخ " والنّعم البرزخية الّتي سيأتي الحديث عنها وشرحها عند تفسير قوله سبحانه: ومن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.

 

- أجر الشّهداء

 لقد قيل عن الشّهداء ومكانتهم وأهميّة مقامهم الكثير الكثير، فكلّ الأمم، وكلُ الشّعوب تحترم شهداءها وتقيم لهم وزنًا خاصّا ولكن ما يولّيه الإسلام للشّهداء في سبيل الله من الاحترام وما يعطيهم من المقام لا مثيل له أصلًا، وهذه حقيقة لا مبالغة فيها، فإنّ الحديث التّالي نموذج واضح من هذا الاحترام العظيم، الّذي يوليّه الإسلام الحنيف للّذين استشهدوا في سبيل الله، وفي ظل هذه التّعاليم استطاعت تلك الجماعة المحدودة المتخلفة أن تكتسب تلكم القوة العظيمة الهائلة الّتي استطاعت بها أن تركع أمامها أعظم الإمبراطوريات، بل وتدحر أعظم العروش.

وإليك هذا الحديث:

 عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا (عليه السّلام) عن الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) قال: "بينما أمير المؤمنين يخطب ويحضّهم على الجهاد إذ قام إليه شاب فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله فقال: كنت رديف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ناقته العضباء ونحن منقلبون عن غزوة ذات السّلاسل فسألته عما سألتني عنه فقال:

الغزاة إذا همّوا بالغزو كتب الله لهم براءة من النّار.

فإذا تجهّزوا لغزوهم باهى الله بهم الملائكة.

فإذا ودّعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان والبيوت، ويخرجون من الذنوب... ويكتب له (أي لكل شهيد وغاز) كل يوم عبادة ألف رجل يعبدون الله... وإذا ضاروا بحضرة عدوهم انقطع علم أهل الدّنيا عن ثواب الله إياهم.

فإذا برزوا لعدوهم وأشرعت الأسنة وفوقت السّهام، وتقدم الرّجل إلى الرّجل حفّتهم الملائكة بأجنحتها يدعون الله بالنّصرة والتّثبيت فينادي منادٍ: " الجنّة تحت ظلال السّيوف " فتكون الطّعنة والضّربة على الشّهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصّائف.

وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتّى يبعث الله إليه زوجته من الحور العين فتبشّره بما أعدّ الله له من الكرامة. فإذا وصل إلى الأرض تقول له الأرض: مرحبًا بالرّوح الطّيب الّذي خرج من البدن الطّيب، إبشر فإنّ لك ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ويقول الله: أنا خليفته في أهله من أرضاهم فقد أرضاني ومن أسخطهم فقد أسخطني .

 

 الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٧٧٨.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد