دعاء حملة العرش
|6|
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}[سورة الأنعام].
سبق في تفسير الآية (117) من سورة البقرة في المجلد الأول أن قلنا:
إنّ "كن فيكون" لا تعني إصدار أمر لفظي لشيء أن يكون فيكون، بل تعني إنّه إذا شاء خلق شيء، فإنّ إرادته تتحقق دون حاجة إلى وجود أي عامل آخر، فإذا شاء أن يتحقّق الشّيء فهو يتحقق فورًا. وإذا شاء أن يتحقق تدريجيّا فإنّ خطة تحقّقه التّدريجي تبدأ.
ثم يضيف: أن ما يقوله الله هو الحق، أي أنه مثلما كان مبدأ الخلق ذا أهداف ونتائج ومصالح، كذلك سيكون يوم القيامة: قوله الحق.
وفي ذلك اليوم الذي ينفخ فيه في الصّور ويبعث النّاس يوم القيامة، يكون الحكم والملك لله: وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ .
حكومة الله على عالم الوجود ومالكيته له قائمتان منذ بداية الخلق حتّى نهايته وفي يوم القيامة، ولا يختصّ ذلك بيوم القيامة وحده، لكن هناك عوامل وأسبابًا تؤثّر في مسار هذه الدّنيا وتَقدّمها نحو أهدافها، لذلك قد يغفل الإنسان أحيانًا عن وجود الله وراء هذه الأسباب والعوامل، أما في ذلك اليوم الذي تتعطل فيه جميع الأسباب والعوامل، فإن حكومة الله ومالكيته تكونان أجلى وأوضح من أي وقت سابق، كما جاء في آية أخرى: لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِله الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ .
فيما يتعلق بماهية " الصُّور " وكيف يَنفخ فيه إسرافيل فتموت الأحياء، ثم يعيد النّفخ في الصُّور فيعود الجميع إلى الحياة ويبدأ يوم القيامة
وفي ختام الآية إشارة إلى ثلاث من صفات الله تعالى، فهو: عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير.
ترد هذه الصفات غالبًا في الآيات التي تخص يوم القيامة، أي أنه بمقتضى صفة العلم المطلق عالم بأعمال عباده، وبمقتضى قدرته وحكمته يجازي كلًا بما يستحقه.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٤.