www.tasneem-lb.net

موقف تربوي

تربوي - الكتمان سبيلٌ إلى النصر: فتح مكة أنموذجًا

الكتمان سبيلٌ إلى النصر: فتح مكة أنموذجًا

 

قال النبي الأكرم (ص):

»استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» (ميزان الحكمة، ج2، ص1180).

 

لم يكن النصرُ في سيرة النبي الأكرم (ص) وليدَ القوة وحدها، بل كان ثمرةَ تخطيطٍ حكيم وإدارةٍ دقيقة للأحداث.

> ومن صور هذه القوّة: الكتمان، الذي شكّل سلاحًا خفيًا، مهّد للنصر المبين.

 

فقد أمر النبيُ (ص) أصحابَه بالإعداد للحرب، لكنّه لم يعلن عن وجهتِه، حتى لأقربِ المقربين. وعندما اضطرَ قبيل التحرك للإفصاح عن الوجهة لبعضهم، أوصاهم بالكتمان التام، واتّخذ في المدينة إجراءاتٍ دقيقةً تمنعُ تسرّب الأخبار إلى قريش.

 

وهكذا تحرك الجيشُ سرًا، حتى ظهر فجأةً على مقربةٍ من مكة بقوة لا قِبَل لقريش بها، فكان عنصر المفاجأة، لأنه أربك قريشًا وحرمَها من الاستعداد للمواجهة.

لم يكن الكتمانُ مجردَ تكتيك عسكري، بل كان جزءًا أساسيًا في استراتيجية النبي (صلى الله عليه وآله)، له آثارٌ عظيمة، فسمح للجيش بالتحرك بحريةٍ حتى وصل مكةَ دون مقاومة تُذكر، وحقّق نصرًا كبيرًا بأقل الخسائر، وتجنب إراقة الدماء.

لقد علّمنا النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ الكتمان هو عنصرُ قوّة وحكمة، وسبيلٌ لتحقيق الأهداف بأمان. فكم من مشروعٍ فشلَ لأنه أُعلنَ قبلَ أوانه، وكم من فكرةٍ ذهبت سدىً لأنّها خرجت من دائرة السرِ إلى مسامع الأعداء والحاسدين.

 

إنّ درسَ فتحِ مكة يذكّرُنا أنّ النجاحَ يحتاجُ إلى الصمتِ أكثر مما يحتاجُ إلى الضجيج، وأنّ ضبطَ اللسان وحفظ السرية في أعمالنا، في بيوتنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا، هو أحدُ أسرار القوة والتماسك.

بقلم الشيخ محمد سعد حفظه الله.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد