www.tasneem-lb.net

عقيدة

رحلة حياة - جولة في ملكوت الحج |4|

جولة في ملكوت الحج |4|

دخول المسجد الحرام

 

عندما وصلنا إلى المسجد الحرام.. وكانت النظرة الأولى للكعبة والحدث المهم، فأنا طوال عمري متوجهاً في عبادتي إلى الكعبة في صلاتي، ولكن الآن تفاجأت بأن هذا الذي كنت أتوجه إليه من بُعد، الآن أمام عينيّ على بعد أمتار، ولأول وهلة عندما وقعت عيناي على الكعبة، لا أستطيع وصف المشاعر المتميزة والمذهلة التي انتابتني! وبدت لي الكعبة كالشيخ الوقور، الذي له تاريخ عريق، شاهد الأنبياء والمرسلين والأئمة؛ بل إن إبراهيم (عليه السلام) يرفع القواعد من البيت وإسماعيل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، أي أن القواعد كانت موجودة قبل إبراهيم الخليل (عليه السلام)، فمنذ أن خلق الله -عز وجل- الأرض، وهذه الكعبة في مكانها، ومن المعلوم بأن الكرة الأرضية، دحيت من تحت الكعبة وتشكلت.

يا الهي! وجدت نفسيهنا في الحرم المكي!

وأمام  الكعبة!

لقد حنّت نفسي وأنّت بمشاعر الود والحنان والعطف، وبدأت بالحديث الاسترسالي معها؛ حديث العبد مع ربه، وكأني أزور صديقاً قريباً حبيباً إلى قلبي، فعندما يفتح لي الباب، أجد نفسي محتضناً إياه بالضم والتقبيل.

نعم لطالما رأيتها عبر التلفاز وفي الصور ولكن المشهد المباشر وجهًا لوجه له طعم آخر وشعور خاص يعجز لساني وقلمي وحتى جوارحي عن وصفه!

في هذه اللحظة التزمت بالذكر القلبي واللساني، ذاكراً بقلبي، ومستحضراً لحالة المعية الإلهية، وأني بين يدي الله -عز وجل- دائماً وأبداً، وخصوصاً في حرمه.

نعم، المؤمن دائماً في حرم الله عز وجل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}، ولكن في الحرم الإلهي -في المسجد الحرام، عند الكعبة- هنالك حرمة مضاعفة، وهنالك قدسية مضاعفة، وهنالك معية مركّزة، ومن هنا عشت هذا الجو، وخاصة بأن الجو العام يذكّرني بهذه الأجواء المباركة.

وقفت مذهولاً بجمالها، متحدثًا معها، بل فخورًا بها، مبهورًا بعظمتها.

توجهت إلى ربي قائلاً: (اللّهمَّ البَيْتُ بَيتُكَ، والحَرَمُ حَرَمُكَ، والعَبْدُ عَبْدُكَ، وهذا مَقامُ العائِذِ بِكَ المُستَجيرُ بِكَ مِنَ النّارِ، فَاعْتِقْني وَوالِديَّ وأهلي وَوُلْدِي وَاخْواني المؤمنينَ مِن النّارِ، يا جَوادُ يا كَريمُ).

يتبع..

(الطواف حول الكعبة، مبايعة الله وأداء الأمانة، السعي بين الصفا والمروة).


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد