www.tasneem-lb.net

عقيدة

رحلة حياة - جولة في ملكوت الحج |3|

جولة في ملكوت الحج |3|

الميقات

 

ما أجمله من شعور شعرت به حينما نزلت الميقات وتجردت عن مخيط الثياب وخلعت ثياب المعصية، ثم اغتسلت ونويت؛ وعقدت الحج فنويت أني تنظفت بنور التوبة الخالصة لله تعالى! فحرّمت على نفسي كل محرّم حرّمه الله عز وجل!

مردداً {بسم الله اللهم اجعله لى نوراً وطهوراً وحرزاًوأمناً من كل خوف، وشفاءً من كل داء وسقم، اللهمَّ طهِّرني وطهِّر قلبي واشرح ليصدري وأجرِ على لساني محبتك ومدحك والثناء عليك، فإنه لا قوة لي إلا بك}، ولبستثوب الطاعة !

لبست تلك الثياب البيضاء الناصعة التي تمنيت أن يكون قلبي قد أصبح من لحظتها أشد بياضاً منها!

مستحضراً ساعة الموت ولفي بالأكفان، وخروجي إلى قبري فأحسست بانقطاع أنفاسي، وخمود شهواتي، وسكون نزعاتي، وأن نفسي مقبلة بالكلية على ربي عزَّ وجلَّ.

فنويت أني قد حللت كل عقد لغير الله تعالى! وعندما دخلت المسجد وصليت الركعتين متقرباً إلى الله عز وجل بخير الأعمال من الصلاة، وأكبر حسنات العباد.

ثم التمست موضعاً خالياً من أجل المناجاة مع رب العالمين (اِلـهي اَلْبَسَتْنِى الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتي، وَجَلَّلَنِى التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتي، وأمات قَلْبي عَظيمُ جِنايَتي، فأحيه بِتَوْبَة مِنْكَ يا اَمَلي وَبُغْيَتي وَيا سُؤْلي وَمُنْيَتي) متذللاً، خاشعاً، باكياً، قلقاً.

متمنياً منك يا ربي أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك، فإني عبدك وفي قبضتك .

وخرجت من المسجد ولساني يلهج بكلمات عظام.

(لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..)

حاولت جاهدًا من هذا الموضع أن أتقن هذا اللقاء من أوله؛ لأن هدفي أن أصل إلى مرحلة الرضوان، لا الغفران، وأن أحصل على شهادة المغفرة والعتق من بداية الطريق.

 فكلمة: (لبيك اللهم لبيك)! عبارة فيها شحنة عاطفية قوية، وتعني: يا ربي، إجابةً بعد إجابة. وأنا أعلم من نفسي أني لست في هذا المقام، أنا لست في مقام الإجابة بعد الإجابة، فهذا مقام الصالحين، الذين ينتقلون من طاعة إلى طاعة.

وانطلقت بي الحافلة متوجهة إلى مكة المكرّمة والأصوات تعلو وتعلو من الحافلة مرددة مع الحجاج النداء المبارك.

 (لبيك اللهم لبيك)! وأنا في حالة الخجل من رب العالمين، يا رب، أنا أقول: لبيك، ولكن أين أنامن هذه الإجابة؟!

ورجوت جاهداً أن يرق قلبي، لعلها تكون من علامات الإذن أوالقبول، وأن أعيش  حالة روحية متميزة، لعل الله -عز وجل-  يقول لي: تفضل! من خلال ما يجده فيّ ولديّ من الرقة الباطنية.

وما أن أعلن سائق الحافلة الدنو من مكة حتى بدأت أستحضر في ذاكرتي ووجداني دعاء سادتي وموالي أهل البيت الأطهار الذين لم يتركوا لنا وقتًا أو موقفاً إلا وزودونا به بذكر الله تعالى فرددت وتوجهت إلى خالقي ومنعمي ومالكي بالقول: (اللهم هذا حرمك وأمنك، فحرّمني على النار، وآمنّي من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك).

يتبع..

(دخول الحرم، الطواف، السعي).

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد