قصص من حياة رسول الله
|4|
انحدر سيلٌ رهيب من جبال مكة المرتفعة نحو بيت الله المعظّم "الكعبة المقدسة" فلم يسلم من هذا السيل بيت في مكة حتى الكعبة المعظمة، التي تصدّعت جدرانُها تصدعاً كبيراً بفعل ذلك السيل.
فعزمت قريشٌ على تجديد تلك البنية المعظمة، ولكنها تهيّبت ذلك، وتردّدت في هدم الكعبة، فأقدم "الوليد بن المغيرة" وهدم ركنين منها على شيء من الخوف، فانتظر أهلُ مكة أن يحل به أمرٌ، ولكنهم لما رأوا "الوليد" لم يصبه غضب من الآلهة، اطمأنوا إلى أنه لم يرتكب قبيحاً، وأنه عمل ما فيه رضى آلهتهم، فاقدمُوا جميعاً على هدم ما تبقى من الكعبة.
واتفق أن تحطّمت سفينة قادمة من "مصر" في تجارة لروميّ عند ميناء "جدة" بفعل الرياح والعواصف، فعلمت بذلك قريش، وأرسلت رجالاً يبتاعون أخشابها ليستخدموها في بناء الكعبة المعظمة، وأوكلوا أمر نجارتها إلى نجّار قِبطيّ محترف كان يقطن "مكة".
ولما ارتفعت جدران الكعبة إلى قامة الرجل، وآن الأوان لوضع الحجر الأسود في محله من الركن وقع الاختلاف بين زعماء قريش ، وتنازعوا في من يتولّى وضع الحجر الأسود في مكانه.
وتحالفت قبيلة "بني عبد الدار" مع "بني عديّ" على أن يمنعوا من أن ينال هذا الفخار غيرُهم، وعمدوا إلى إناء مملوء بالدم فوضعوا أيديهم فيه تأكيداً لذلك الميثاق.
من هنا تأخرت عملية البناء وتوقّفت خمسة أيام بلياليها، وكاد أن تنشب بينهم حربٌ دامية، وربما طويلة، فقد اجتمعت طوائف مختلفة من قريش في المسجد الحرام وهي تنتظر حادثة خطيرة، فعمد- في الأخير- شيخ من شيوخ قريش يدعى "أبو اُميّة بن مغيرة المخزومي" من زعماء قريش وقال: يا معشر قريش، إجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول مَن يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، فقبلوا برأيه اجمع.
فكان أول داخل عليه فتى قريش "محمّد" صلّى الله عليه وآله فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمّد.
فقال صلّى الله عليه وآله: هلم اليّ ثوباً، فأخذ الحجر ووضعه فيه ثم قال: "لتأخذ كلُّ قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوهُ جميع"
ففعلوا حتى إذا بلغوا في موضعه من الركن وضعه صلّى الله عليه وآله هو بيده مكانه.
المصدر: شبكة المعارف الإسلامية.