www.tasneem-lb.net

أخلاق

أخلاق - هل تسقط القِيَم عند سقوط الهِمَم؟ |4|

هل تسقط القِيَم عند سقوط الهِمَم؟ 
|4|

وكما بيّنا اتضح لنا أن الهمّة العالية هي سُلَّم الرقي إلى الكمال الممكن في كل أبواب الخير، فمن تحلّى بها لانَ له كلُّ صعب، فأصحاب الهمم العالية هم القلة التي تنقذ المواقف، وهم الصفوة التي تباشر مهمة الانتشال السريع من وحل الوهن، ووهدة الإحباط.
ولقد تواردت نصوص القرآن والأحاديث على حث المؤمنين على ارتياد معالي الأمور والتسابق في الخيرات، وتحذيرِهم من سقوط الهمة!..
 فتنوعت أساليب القرآن الكريم في ذلك:
 فمنها ما أثنى الله تعالى
وبيّنه في صفات أصحاب الهمم العالية، وطليعتهم الأنبياء والمرسلون عليهم السلام وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل، وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) وقد تجلّت همتهم العالية في مثابرتهم ودعوتهم إلى الله عز وجل.
 ومنها ما وصف فيه أولياءه الذين كبُرت همّتهم في مواطن البأس والجلَد والعزيمة والثبات على الطاعة والقوة في دين الله 
قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ...﴾  [النساء: 95].
 ولقد أمر الله تعالى المؤمنين بالهمة العالية والتنافس في الخيرات فقال عز وجل: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
 ومن الآيات ما ذمَّ تعالى فيها المنافقين المتخلِّفين عن الجهاد لسقوط همَّتهم وقناعتهم بالدون، فقال في شأنهم: ﴿رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَع الْخَوَالِفِ﴾  [التوبة: 87]. 
فضعيف الهمَّة يعيش بلا هدف ولا غاية، لا همَّ عنده و لا شغل إلاَّ الراحة والاعتماد على الغير في أمور معاشه وحياته، وبعضهم لا يعتني الا بمظهره وملبسه وأثاث بيته والسهر في المجالس التي فيها الترف والإيذاء للناس بالقول والعمل.
وشتان بينه وبين عال الهمة الذي لا يطلب سوى رضا المولى في مأكله ومشربه وطريقة حياته...
وأما في الروايات:
لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستعيذ بالله من العجز والكسل.
(عن الإمام موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى جواد يحب الجود، ومعالي الأمور، ويكره سفسافها).
وهذا يؤكد أن علو الهمم ما هي إلا الجد في الأمر والإباء والترفع عن الصغائر والدنايا .. والطموح إلى المعالي وبلوغ أعلى القمم.
وبعد هذا العرض نقول الجواب البيّن والواضح :
نعم! لا تعلو وتشمخ القِيم إلا بعلو الهِمم.
نعم! تسقط القِيم مع سقوط الهِمم.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد