www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - فلسفة الموت |1|


فلسفة الموت
|1|

أنبقى بعدَك!
هل الموت شيءٌ مرعب ومكروه؟ ويبعث على النفور والرهبة؟
ألَمْ يصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومًا بـ "هادم اللّذات"؟
ربما هو هكذا بالنسبة لنا نحن أهل الدنيا وزخارفها، أما في فلسفة أهل العشق فالموت هو جامع كلّ اللذّات!
فقد لا تتذوق طوال سنين عمرك شيئًا ألذّ من أن تُقتَل في سبيل محبوبك!
أو أن تموت لتَلقى مَن تشتاق إليه!
أو حتى أن ترفض واقعًا مريرًا، فتنتفض بميتة عزيزة على أيّ موقف قد يذلّك!

وفي فكر الحسين أبي الأحرار (عليه السلام)، لا يمكنك أن تحقق عيشًا كريمًا شريفًا إن كنتَ تخشى الموت وتتهرب منه باستمرار، لأن هذا الهروب هو عين المذلة. وهو الذي سطّر عقيدته بكلماتٍ خالدة "يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهُرت وأنوف حمية ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".

ونعود إلى أصحاب الإمام (عليه السلام).. فلقد فهمنا أن سيد الشهداء هو صاحب قضية جوهرية ملتزم تجاهها. فكيف نفسّر موقف أولئك القلة أصحاب الوفاء الأقدس، عندما يخيّرهم مولاهم بين البقاء والقتل فيختارون الموت دون تردد!
هؤلاء الأصحاب كانوا كأقمار تشرّبت أنفسهم من ضياء الحسين (عليه السلام) مبادئَه وأهدافَه فذابوا في قضيته بشكل تام وكامل.
وأصبحوا لا شغل لهم ولا همّ لديهم سوى سؤالٍ بديهي ذي جواب وحيد "هل يمكن أن نعيش في دنيا ليس فيها حسين!".
ولو أردنا أن نُسقط هذا السؤال على زماننا فنقول " هل يمكن أن نعيش في دنيا ليس فيها مهديّ؟"
وعلى فرض أنه لا وجود للإمام الحجة (عجل الله فرجه)، فهل سيتغيّر شيء ما في حياتنا؟ وفي نظرتنا ورؤيتنا للعالم؟

إن كان الجواب: نعم -وهو قطعًا كذلك- فنحن إذًا في مصاف أهل القضية الأوفياء كفرسان كربلاء، لم نربط الحياة ببضعة آمال وأمنيات فانية فارغة. إنما نعتبر كلّ نفَسٍ من أنفاسنا بمثابة عهد نقطعه مع إمام زماننا: أنك وحدك أنت يا قائد جيش المنتظِرين تستحق أن تشرق شمسُ أعمارنا على حلم نصرتك، وأن ينزف وريدُ دمائنا تمهيدًا ليوم قدومك! وأنَّ قرارَ أرواحنا داخل أسياج الأبدان قد اقترن بفيض وجودك المقدس! فلا شأن ولا شيء يعنينا على هذه البسيطة، سوى البقاء بكَ ولك، والفناء دونك ومعك!
                    


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد