www.tasneem-lb.net

أعياد

أعياد - شعائرنا

شعائرنا
يوم عرفة، هل هو يوم التعارف – المعرفة – الاعتراف!

 

إنّ لله تعالى أياماً اختارها لتكون أياماً استثنائية ومنها عرفة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "وأما خيرته من الأيام: فيوم الفطر ويوم عرفة ويوم الأضحى ويوم الجمعة..." ميزان الحكمة /ج1 وما ذلك إلَّا لأنّه:
1. اليوم المشهود: عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ {وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ} (هود 103) قال (عليه السلام): "...المشهود يوم عرفة" وفي الحديث: "ويوم عرفة مشهود يشهد الناس فيه موسم الحجّ، وتشهده الملائكة" - بحار الأنوار/ج86.
2. موطن مغفرة الله تعالى: عن الإمام الصادق (عليه السلام): "من لم يُغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى مثله من قابل إلا أن يشهد عرفة" - ميزان الحكمة /ج2.
3. يوم الدعاء والمسألة: قال الإمام الصادق (عليه السلام): "يوم عرفة يوم دعاء ومسألة" - وسائل الشيعة/ج 7.
4. يوم زيارة الإمام الحسين (عليه السلام): قال الإمام الصادق (عليه السلام) عن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام): "ومن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقه كتبت له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل" -بحار الأنوار/ج98.
5. يوم الاعتراف بالذنب: قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إنّ جبرائيل عليه السلام خرج بإبراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرائيل عليه السلام: يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك، فسُمِّيت عرفات لقول جبرائيل عليه السلام إعترف بذنبك" - علل الشرائع/ج2.
تبصرة: حينما نريد أن نحكم على عمل الإنسان أنّه في أيّ درجة من الحسن أو القُبح فلا بدّ أن نراعي خصوصيّة الإنسان العامل، فقد يصدر عمل عن إنسان بدوي يعيش في الصحراء نعتبره حسناً وجيّداً، ولكنّ هذا العمل نفسه لو صدر عن إنسان مدنيّ يعيش حضارة المدينة فقد نحكم بقبحه، وهكذا فلو أنّ فعلاً صدر عن إنسان عاديّ فإنّنا قد نراه مناسباً، ولكن لو صدر من عالم كبير له شأنه فإنّنا قد نراه قبيحاً أشدّ القبح.
هذا الأمر بصورة أشدّ وأقوى نجده في أنبياء الله تعالى؛ فهم لمكانتهم المقرَّبة من الله تعالى يَعتبرون بعض أفعالهم ذنوباً مع أنّها بالنسبة إلينا تكون حسنة، وذلك لأنّ النبيّ يعتبر أنّ حالة الوصال والعشق مع الله في مناجاته والتوجّه إليه هي الحالة التي يجب أن يحقّقها دائماً، فإذا اقتضت الظروف أن ينشغل عن هذه المناجاة وذلك التوجّه الخاصّ بالتحدّث مع الناس لإرشادهم وهدايتهم والقيام بوظيفته فإنّه يعدّ فعله هذا ذنباً لأنّه ليس هو العمل الأوّليّ.
وهذا ما يوضّحه لنا الحديث المعروف: "حسنات الأبرار سيّئات المقرَّبين" بحار الأنوار/ج45، هكذا نفهم ذنوب الأنبياء عليهم السلام. وهكذا كان ذنب إبراهيم عليه السلام الذي قال له جبرائيل في عرفة: "اعترف بذنبك".

 سأل الإمام السجاد (عليه السلام) شبلي ليبيِّن له سرَّ مناسك الحجّ فيقول له: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أَمْرَ المعارف والعلوم، وعرفتَ قبض الله على صحيفتك، واطَّلاعَه على سريريتك وقلبك؟ قال شبلي: لا. قال عليه السلام: "فما وقفت بعرفة".

 لا بدّ لنا من الوقوف عند دعاء عرفة والتعرف على بعض مضامينه ومعالمه الفريدة. كما ويمكننا الاستفادة من آراء وأفكار سماحة آية الله العظمى الشيخ مكارم الشيرازي (مدّ ظلّه) القيّمة في تبيينه المعرفيّ لهذا الدعاء الشريف بوصفه مفتاحاً لمشاكل أفراد المجتمع المسلم.
- فقد أعرب سماحته بأنّ دعاء عرفة هو من أهم الأدلّة على أحقيّة أهل البيت (عليهم السلام) فقال: من جملة ما يدلّ على أحقيّة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) هي أمثال هذه الأدعية... وبما أنّ هذه الأدعية انبثقت من روح المعصوم العظيمة فجميعها على مستوى واحد من السموّ والرفعة، فيقترب الإنسان إلى ذروة المعرفة والكرامة الإنسانية بقراءتها واعياً لما تشتمل عليه من المضامين العالية.
- ويرى سماحته بأنّ من جملة المضامين العالية والقيّمة التي نجدها في دعاء عرفة هي المفاهيم والمعارف الأصيلة المتعلقة بمسألة التوحيد، فقد قال: أدعية مثل دعاء عرفة الذي يشتمل على منظومة متكاملة من المعارف والعقائد وخصوصاً في مسألة التوحيد؛ وإنَّ ما يموج بهذا الدعاء من المعارف التوحيديّة لا نجده في غيره من الأدعية.
- وقال: إن دعاء عرفة هو سلسلة معرفية من العرفان الإسلاميّ ومعرفة الله ومعرفة النبيّ والولاية والأخلاق ومراحل السلوك إلى الله سبحانه وباختصار فإن هذا الدعاء سلسلة من المضامين الإسلامية الهامة على صورة دعاء.
- وأكّد سماحته على أهميّة وضرورة المناجاة مع الله سبحانه والتضرّع إليه على أنّها أهمّ دعامات دعاء عرفة.
- كما وأكّد على أنّ من جملة مضامين دعاء عرفة هو الشكر، والاعتراف بحضور الله سبحانه في كل زمان ومكان.
- واعتبر سماحته أنّ من أهمّ الخصائص والمعالم التي يتضمنّها دعاء عرفة هي ماهيّة الغنى والفقر في المعارف الإسلاميّة.
- وأشار سماحته إلى سبل معرفة الله ونيل السعادة من خلال المضامين الرفيعة الموجودة في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة وقال: يقول الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة: إلهي! إنّ الناس يطلبون الآثار حتّى تدّلهم عليك، ولكن متى بعدت حتّى تكون الآثار هي التي تدلّ عليك؟ عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً.. وهل بعدت حتّى أجدك بواسطة الآثار؟
- أخيراً أكّد سماحته على أهميّة قراءة دعاء عرفة واعتبر ضرورة معرفة وفهم المعاني والمضامين الرفيعة والسامية الموجودة فيه، أمراً هامّاً وأساسيّاً.

 بعد كل ما طرحناه، يمكننا القول بأنّنا أجبنا على السؤال أعلاه. فيكون يوم عرفة هو يوم التعارف والمعرفة والاعتراف. 
وفقنا الله وإياكم إلى إحياءه بمرضاته. تقبل الله أعمالكم وكل عام وأنتم إلى الله أقرب.
(موقع المعارف الإسلامية الثقافية الالكتروني/ بتصرف).


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد