شهر رمضان - مواقيتٌ وأسرار |3|

مواقيتٌ وأسرار
|3|

البعد الغيبي للزمن

يختلف البُعد الأخروي أو الغيبي للزمن عن حساباتنا الدنيوية.
فذلك الزمن الموجود والحاضر معنا، لا يعرفه إلا من يعيش في عالم المجرّدات، كالملائكة والروح.
ولكن يمكننا نحن أن نستنتجه من خلال بعض التأملات.
مثلا، في حادثة الإسراء والمعراج، التي حصلت في ليلة واحدة!
فهذه الرحلة السماوية، لو أردنا قياسها بالمعايير المادية الدنيوية، لاستغرقَت شهورًا، فكيف حصلت بين ليلة وضحاها؟

لنعُد الآن إلى شهر رمضان المبارك الذي نعتبره بحساباتنا ثلاثون يومًا (أو 29)، لكنّ مدته في الحقيقة الغيبية أكثر بكثير !
إن كانت ليلة واحدة منه تعادل أعمال ألف شهر من أشهر الدنيا، أي أعمال عمرٍ كامل!
وإن كانت تلاوة آية واحدة فيه، تعادل ختم القرآن في غيره من الأزمنة، مع ما يتطلبه ذلك من وقت.

هذه التأملات توصلنا إلى نتيجة هامة: وهي أن الزمن في شهر رمضان يصبح أكثف بكثير مقارنة بباقي الشهور.
في الكيمياء، الأمر يشبه إلى حدّ بعيد الفارق بين مذاق ملعقة واحدة من السكر المذاب في كوب ماء، وبين مذاق كيسٍ كامل من السكر مذابًا في كوب ماء واحد!

من هنا تأتي أهمية الفترات الزمنية الخاصة والتي لها خصوصية معنوية، كفترة السحر والفجر، بأنها في شهر رمضان تشتمل على فضل وبركة كل أوقات السحر والفجر لبقية السنة!