www.tasneem-lb.net

أخلاق

أخلاق - أحسن الأعمال |3|

دعاء مكارم الاخلاق 
أحسن الأعمال
|3|

" العمل بالسُنة أحسن الأعمال " 
- موقف مسلم بن عقيل (رحمه الله) وعدم فتكه بابن زياد وأحد رواتها هو مسلم نفسه.
- قال ابن شهرآشوب: لما دخل مسلم الكوفة سكن في دار سالم بن المسيب فبايعه اثنا عشر ألف رجل فلما دخل ابن زياد انتقل من دار سالم إلى دار هانئ في جوف الليل ودخل في أمانه وكان يبايعه الناس حتى بايعه خمسة وعشرون ألف رجل فعزم على الخروج فقال هانئ: لا تعجل. 
وكان شريك بن الأعور الهمداني جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد فمرض فنزل دار هانئ أياماً، ثم قال لمسلم: إن عبيد الله يعودني وإني مطاوله الحديث فاخرج إليه بسيفك فاقتله وعلامتك أن أقول اسقوني ماء، ونهاه هانئ عن ذلك.

فلما دخل عبيد الله على شريك وسأله عن وجعه وطال سؤاله ورأى أن أحداً لا يخرج فخشي أن يفوته فأخذ يقول: ما الانتظار بسلمى أن تحييها كأس المنية بالتعجيل اسقوها فتوهم ابن زياد وخرج.
فلما خرج ابن زياد دخل مسلم والسيف في كفه فقال له شريك: ما منعك من قتله؟ قال: خصلتان أما إحداهما فكراهية هانئ أن يقتل في داره، وأما الأخرى فحديث حدثنيه الناس عن النبي صلّى الله عليه وآله:«أن الإيمان قيّد الفتك فلا يفتك مؤمن» - بحار الأنوار: 44/ 344.
- حقاً ما أعظم هذه الكلمات الثلاث، فكما أن الإنسان المقيد بالسلسلة لا يستطيع التصرف بحرية لأن السلسلة تقيده وتمنعه من الحركة فكذلك هو الإسلام يمنع الإنسان المؤمن من الفتك، فإذا فتك فذلك يعني أنه قد تحرر من الإسلام ولم يعد متقيّداً به.
- ولقد اتخذ مسلم (رضوان الله عليه) الموقف الأمثل المطلوب منه، أي عمل بما تقتضيه السنة منه، فكان موقفه هذا أحسن الأعمال.
- بعد أن نقل العلامة المجلسي (رحمه الله) هذه القصة في البحار قال: لو قتل مسلم في تلك اللحظة ابنَ زياد لاستتب له أمر الكوفة وقوي جانب الحسين سلام الله عليه وربما آل الأمر إلى سقوط يزيد وحكومة بني أمية، وهذا يعني تفويت فرصة عسكرية من أعظم الفرص... ولكن ماذا يعمل مسلم، والإسلام قيد الفتك؟
- صحيح إن مسلماً قد فوّت أكبر فرصة سياسية وذهبية لقلب المعادلة لصالحه وصالح الإمام الحسين سلام الله عليهما مادياً، ولكنها لم تكن الفرصة الذهبية إسلامياً، بل كانت بعيدة عن روح الإسلام؛ فالغلبة المادية بالفتك ليس فيها بقاء الإسلام الذي هو فوق تلك الغلبات، فما عمله مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه كان عملاً بالسنة وهو أحسن الأعمال.
- فالقتال والدفاع عن النفس والمبارزة في الميدان مفهومة من قبل الإسلام، أما الغدر فلا يجوز أبداً حتی في ساحة الحرب والجهاد، أجل إن الحرب خدعة والخدعة جائزة في الحرب، ولکن الغدر غير الخدعة. فالخدعة تکون والحرب قائمة، أما أن تقتل رجلاً جاء لزيارتك فهذا ليس من شيم الإسلام. 
- صحيح أن ابن زياد كان من أشرّ الناس، ولکنه لم يأت إلی بيت هاني بصفته محارباً بل جاء بعنوان الزيارة؛ ولذلك لم يقتله مسلم غيلة، وهاهنا تکمن عظمة مسلم التي يقف حتی التاريخ إجلالاً لها.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد