تاريخي - خوارزميّات مُجنَّدة |4|

خوارزميّات مُجنَّدة 

|4|

كيف تُوظَّف معلوماتُك!
في إحدى المؤتمرات الصهيونية المُقامة في الأردن، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز "إن السياسات الناعمة عبر وسائل الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مهمة للوصول إلى الجمهور، فالتطور الذي طرأ على عقول الشباب العربي هو الذي قاد إلى الربيع العربي.
فمن ضمن المجالات الحديثة والأكثر خطورة، التي توظَّف فيها البيانات الضخمة (Big data) لتوجيه سلوك الإنسان الرقمي:
سياسيًّا: إننا نتحدث هنا عن نماذج واقعية كفضيحة Combridge Analytica المتعلقة بتوجيه الناخبين نحو خيارات محددة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والبريكست.
وكذلك فيما يخصّ ثورات الربيع العربي، وما يُسَمى "الثورات الملوّنة"، حيث استغلّت المخابرات الأمريكية هذه التقنيات الرقمية، لتوجّه الرسائل السياسية إلى الشباب الغاضب في عدة بلدان مضطربة، وتدفعه نحو انتفاضات شعبية.
والخطير في الموضوع هو أن القيادة الفعلية وراء كل هذه التحركات، تبقى غامضة وغير معروفة، لكي تعطي انطباعًا قويًّا للمحتجين، بأنهم أصحاب القرار والقيادة الذاتية!

ثقافيًّا: تذكر دراسة على موقع مؤسسة "راند" تحت عنوان "أفعالنا تحدد ماذا نقرأ ونشاهد على الإنترنت": بأن شركات المنصات الاجتماعية قد أنشأت ما يُسمَّى ب"غرف الصدى" أو "Echo-chambers"  حيث تجمع الأشخاص ذوي الأيديولوجيات المشتركة، مما يساهم في الفصل الأيديولوجي بين المستخدمين، ويسهّل عملية استهدافهم ثقافيًّا، والتركيز على المحتوى الذي يناسب منظومة القيم والعقائد الخاصة بهم، وتعمل على تعطيل الوعي عند تلك الفئات.
فقد تبيّن للأمريكان بعد حرب أفغانستان، بأن الآلة العسكرية لن تنجح إذا لم تُمهَّد بغزوٍ ثقافي- نفسي يكسر إرادة الشعب. وعلى هذا الأساس قامت العديد من الأبحاث والتحليلات العسكرية بوضع خطط للتلاعب القيمي والثقافي، وإرساء حسّ من اللاجدوى من المقاومة، بأسلوب إنسيابي ناعم، كي لا تشعر الدولة أو الجماعة المستهدفة بأنها تعيش حربًا حقيقية.
يقول ماركس مانورينغ الباحث في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية "في الحرب غير القتالية، تُستَخدم الوسائل كافة لخلق دولة ضعيفة منهكة، تستجيب للنفوذ الخارجي.. فإذا فعلتَ ذلك بطريقة جيدة وببطء كافٍ، واستخدمتَ مواطني الدولة العدو، فسيستيقظ العدو ميّتًا".