www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - أسباب تفجير الثورة الحسينية الكبرى |3|

ديننا
أسباب تفجير الثورة الحسينية الكبرى
|3|

من هم الناكثون، والقاسطون، والمارقون؟
كانت بيعة الناس لأمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة صاعقة حلت على بني أمية وكل من يكن العداء للإسلام، وكان كلٌّ من طلحة والزبير يرى نفسه قريناً للإمام عليه السلام. وكان معاوية يتصرف في الشام تصرف الحاكم المطلق الطامع في السيادة على الأمة الإسلامية وتولي أمورها بصورة تامة. فكانت قرارات الإمام عليه السلام وتخطيطه للإصلاح الشامل ضربة قاصمة لكل هؤلاء، وتضررت مجموعات كانت تستغل مناصبها للحصول على الثروة الطائلة في عهد عثمان. ولهذا كان وجود الإمام عليه السلام في قمة السلطة يُعد تهديداً صارخاً لمصالح الكثير من أولئك القوم.

من هنا اجتمع بعضٌ على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد. وفي الوقت الذي كانوا يحرضون فيه الناس على الخليفة الثالث، والمطالبة بقتله- وكانت الغاية من ذلك أن يفوز طلحة وأمثاله بالخلافة- كانت المفاجأة الكبرى بمبايعة الناس للإمام علي عليه السلام بالخلافة، فما كان منهم إلا أن أعلنوا الحرب على وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخداع المسلمين ببعض الشعارات الزائفة للوقوف إلى جانبهم في حربهم ضد الإمام عليه السلام.

وكان لمعاوية بن أبي سفيان الدور الأكبر في تأجيج نار الفتنة المشتعلة بسبب مقتل الخليفة الثالث من خلال مراسلة المتضررين من وصول الإمام علي عليه السلام إلى الحكم، وكان من أولئك الذين راسلهم عبد الله بن الزبير مع البيعة له.

اجتمع في مكة الخارجون على بيعة الإمام عليه السلام كالزبير وطلحة ومروان بن الحكم وتعاهدوا على أن يتخذوا من دم عثمان شعاراً لتعبئة الناس ضد الإمام عليه السلام. وأشاعوا أن الإمام عليه السلام هو المسؤول عن إراقة دم عثمان، وخرجوا جميعاً إلى البصرة.

حاول الإمام علي عليه السلام أن يجنب الأمة المصائب وسفك الدماء، وراسل رؤوس الفتنة، فلم يلقَ تجاوباً، وبقي عليه السلام يأمل حتى آخر لحظة قبل نشوب القتال في أن يرتدع الناكثون عن غيهم، فلم يأذن بالقتال حتى شرعوا هم بذلك، فالتحم الجيشان في قتال رهيب، ووصل أصحابه إلى الجمل فعقروه، وانتهت فصول المعركة بانتصار جيش الإمام عليه السلام على مخالفيه.
شرع معاوية بمعاونة عمرو بن العاص، بعد استقرار الإمام عليه السلام في الكوفة يخطط لمواجهة الإمام عليه السلام والوضع القائم، وقامت خطته الخبيثة على التشبث بقميص عثمان كشعار لتحريك مشاعر وعقول الجماهير غير الواعية، وعبأ أهل الشام للحرب. ورغم أن الإمام عليه السلام أكثر من مراسلة معاوية ومحاورته لإدخاله في بيعته، لكن رد معاوية كان هو الحرب والسعي للقضاء على الإمام عليه السلام بكل وسيلة.

جرت مناوشات متعدّدة بين جيشي الإمام عليه السلام ومعاوية ولم تستعر الحرب، وحصلت هدنة بينهما، حتى التحما في معركة رهيبة في صفين قُتِل فيها عمار بن ياسر، وأربعة وعشرون صحابياً بدرياً واستمر القتال أياماً عديدة قُتل فيها عدد كبير من الجانبين.

أظهر أصحاب الإمام عليه السلام صبرهم وتفانيهم من أجل انتصار الحق، وبدت الهزيمة على أهل الشام، إلى أن أشار عمرو بن العاص على معاوية برفع المصاحف على الرماح. وكانت هذه الدعوى المضللة سبباً لاختلاف جيش الإمام عليه السلام، فهاج الناس وكثر اللغط بينهم. وحاول الإمام عليه السلام إفهام الناس أن هذا الأمر خديعة وهم لا يسمعون ولا يعون حقيقة الأمر. وانطلت الخديعة على قسم كبير من جيش الإمام عليه السلام وتمردوا عليه ولم يعد باستطاعته أن يفعل شيئاً. وانتهت المعركة بخدعة التحكيم عندما أصر أصحاب الإمام المخدوعين على ترشيح أبي موسى الأشعري، والإمام عليه السلام يصر على ترشيح عبد الله بن عباس أو مالك الأشتر.
وأفرزت معركة صفين ظهور الخوارج الذين كانت صفاتهم التحجر والتمسك بالظواهر والتعصب والخشونة وعدم التمييز بين الحق والباطل، وسرعة التأثر بالشائعات.

تجمعت قوات المارقين عن الدين قرب النهروان. وحاول الإمام عليه السلام مراراً ردعهم عن فكرتهم وسعيهم للحرب، فلم يجد فيهم إلا الفساد والجهل والإصرار، فعبأ جيشه ونصحهم كما هو شأنه في كل معركة، وبعث إليهم رُسُله، وبين أنه كره التحكيم وعارضه، وشرح سبب معارضته بوضوح... ولم يرعوِ المارقون لقوله عليه السلام وطالبوه بتكفير ما اعتبروه ذنباً وإعلان توبته. وهجم الخوارج وهم يتصايحون: "إن الحكم إلا لله... الرواح الرواح إلى الجنة". ولم تمضِ إلا ساعة حتى أُبيدوا عن أجمعهم، ولم ينجُ منهم إلا أقل من عشرة، ولم يُقتل من أصحاب الإمام عليه السلام إلا أقل من عشرة أشخاص. وكان الإمام عليه السلام قد أخبر أصحابه مسبقاً بهذه النتيجة.
(من كتاب بحوث في الحياة السياسية لأهل البيت عليهم السلام/ بتصرف).
انتظرونا، يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد