www.tasneem-lb.net

معالي الدعاء

معالي الدعاء - الأربعينية الشعبانية الرمضانية |3|

الأربعينية الشعبانية الرمضانية
|3|

ونحن لا زلنا في شهر شعبان، وهو شهر النبي الأعظم (صلوات الله عليه وآله)، حيث كان يقول: 
(يا أهل يثرب! إني رسولُ رسولِ الله إليكم، ألا إنّ شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري)!
كيف نعينك يا رسول الله؟!
ومن الذي يعرف مقصد النبي ومعنى كلامه غير 
أمير المؤمنين، فكان يقول: (ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله ينادي في شعبان، ولن يفوتني أيام حياتي صوم شعبان إن شاء الله تعالى).
 نعم! صام الأمير في أيام شهر النبي الأكرم وقام ليله وناجى ربّه بالمناجاة المعروفة باسمه وباسم الأئمة من بعده .
 ويقف العقل القاصر متحيرًا أمام كلمات أمير المؤمنين في 《المناجاة الشعبانية》:  الهِي هَبْ لِي كَمالَ الانْقِطاعِ الَيْكَ ما هو المفهوم منها؟ ويعززها قوله وَأنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها الَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ، فَتَصِلَ الى‏ مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ وَ تَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ.الهِي وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاجابَكَ وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
يقول العارف الكامل السيد روح الله الموسوي الخميني رضي الله عنه:
(وما هي أبصار القلوب هذه التي يطلب من الله إنارتها؟! "وأنر أبصار قلوبنا " كيف يريد بالبصر النظر إلى الحق تعالى؟! ما هو هذا القلب؟ وما هو بصره بحيث يكون بهذا البصر القلبي نظرة إلى الله تعالى؟ ثم "أنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك " الإمام يطلب من الله كل ذلك من أجل غاية هي "حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور" وعندما تخرق هذه الحجب: "تصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك " وماذا بعد ذلك؟! إنه "إلهي اجعلني ممن ناديته فصعق لجلالك" ما هو صعق الجلال هذا؟! أليس هو ما يذكره القرآن الكريم في شأن موسى (عليه السلام)؟! فهل هو غير الفناء الذي يقوله العرفاء؟
"فصعق لجلالك" مرتبة يرتفع إليه مرتبةً مرتبةً، أبصار القلوب تخرق جميع الحجب، "فتصل إلى معدن العظمة" ما هو معدن العظمة الذي تصل إليه؟! وما هو هذا الوصول؟! أليس هو نفسه الوصول الذي يقوله أولئك "ومعدن العظمة" هل هو غير الحق تعالى؟! هل يمكن لغيره تعالى أن يكون معدن العظمة الذي يجب أن تصدر منه أشكال العظمة كافّة؟! وعندما تصل إلى هذا المعدن "تصير أرواحنا معلقة بعز قدسك" وهذا المعنى هو نفس ما يقوله أولئك - العرفاء). 
نعم! علينا التفكر أكثر وأكثر للوصول لهذه الحقائق والمراتب العظيمة، ونخرج من سجن الظلمات النفسانية والقبور الشيطانية لنرى الأنوار الإلهية، حتى نصل كما يختم أمير المؤمنين مناجاته الهِي وَالْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الابْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً يقول أحد كبار العلماء:
إن الإنسان إذا التحق بهذا النور الإلهي، فإنه سيترتب على ذلك آثارٌ في حياته: 
الأول: أن هذا النور ينير له الطريق، فيصل إلى معرفة الله عزوجل.
والثاني: تحصل لديه حالة زهد قهرية عن كل ما سوى الله عزوجل، فلا يتعلق قلبه بشيء أبداً.
والثالث: تنشأ عنده حالة الخوف والمراقبة لكل أموره - صغيرها وكبيرها- ، بحيث ينزجر تلقائياً عن كل ما يغضب الله عز وجل.. لأنه وصل إلى درجة يرى فيها ذلك البطش الإلهي ، الذي يكفيه عن كل واعظ.. أضف إلى أن رؤيته لذلك الجمال والجلال والرحمة الإلهية، تدفعه إلى أن يكون راجياً لله عز وجل في كل أحواله.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لنصل إلى هذه المراتب في هذه الأربعينية المباركة.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد