www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - كمال المجتمع الكربلائي |1|

كمال المجتمع الكربلائي 
|1|

 

الغيرة أشرف فضيلة
   
كان الحَرُّ أشد من أن تطفئه نسمات الشهادة، والعطش أقوى من أن يرويه عذب الشجاعة، ونزف الجراح أوجع من أن يسكته قرب اللقاء.
ومع ذلك رمى الماء من بين يديه، وهو يعلم أنه لن يرجع إليه، وهرول مسرعًا غضبان..
فما السبب الذي دفعه لمثل هذا الغموض؟!
وقبل البحث عن الإجابة، ثمة في المقلب الآخر، عجز رهيب، حذا بضعفاء الأنفس لاستخدام سلاح الفضيلة ضد صاحبها الغيور!
وحده هذا المشهد كفيل بأن يلخص الحكاية. معسكر الشهامة والغيرة والحمية، التي لم يحجبها صليل السيوف ولا ضرب الرماح، مقابل معسكر الغدر والخبث والحقارة.

الغَيْرة بمعنى النخوة والأنفة، هي خُلُق إلهي ونبوي، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :"لا أحد أغير من الله ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن". وقد أودعها المولى تعالى في فطرة الإنسان لكي تدفعه للمحافظة على الأمور العزيزة لديه، كالدين والعرض والقيم. ويعتبرها كثيرون مظهرًا أساسيا من مظاهر الرجولة الحقيقية.
فالمرء عندما يعزّ عليه شيء ما سيندفع بكل وجوده ليصونه ويرعاه، لذلك فإن من لا يملك الغيرة يكون قد فقد قيمة المقدسات بداخله، فيسهل عليه تضييعها.
وكم كانت هذه السجية متوقدة في نفوس أهل البيت (عليهم السلام)، إذ أنهم كانوا يغارون على ظل السيدة زينب (عليها السلام) من أن يراه أجنبي!
وبقدر ما كانت هذه الغيرة حيّةً في قلب الإمام الحسين (عليه السلام)، أصبح مصاب السبي أصعب عليه من آلام الطعن والذبح وكل المصائب الأخرى.
ولأن للجهاد والشهادة رابط شديد أزلي مع الرجولة، تُوِّجَت غيرة دماء شهدائنا الحسينيين، في وصيتهم الخالدة "أختاه.. حجابكِ أغلى من دمي".


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد