www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - شتان بين المعسكرين |2|

ديننا

شتان بين المعسكرين
|2|

 

منطق الإمام الحسين (عليه السلام) ومنطق يزيد
إن منطق الحسين (عليه السلام)، ومنذ أن غادر المدينة هو منطق المهاجم، ففي وصيته المعروفة التي كتبها لأخيه محمد بن الحنفية يقول: «إني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا مفسدًا، ولا ظالمًا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي».
ويلاحظ بوضوح هنا أنه، عليه السلام، لم يتطرق لا إلى البيعة، ولا إلى دعوة أهل الكوفة التي لم تكن مطروحة أساسًا في ذلك الحين.
ومن خلال هذا المنطق الذي هو منطق الهجوم، ومنطق الشهيد، ومنطق توسيع رقعة الثورة، فإن الإمام الحسين (عليه السلام) قام بأعمال لا يمكن أن تتماثل، أو تدرك، مع أي منطق آخر، فكيف ذلك؟ لأنه لو كان منطقه (عليه السلام) منطق الدفاع فقط، لما أجاز لأصحابه أن يبقوا معه بعد ليلة العاشر من محرم، من بعد أن برّأ ذمتهم من بيعته، ولكان من المفروض أن يقول لهم بأنه لم يعد جائزًا شرعًا أن تبقوا معي، وتقتلوا إذ إنهم يريدونني شخصيًا، ويطلبون البيعة مني، ولما كنت أرفض البيعة وأصر على رفضها، فأهلًا وسهلًا بالموت لي، ولكن لا مبرر لديكم أنتم لتعريض أنفسكم للقتل.
لكن مثل هذا لم يحدث، ولا يمكن له أن يحدث، فمنطق الثائر والداعية للثورة، ومنطق المهاجم الذي يريد أن يسطر رسالته بالدم، يتطلب توسيع رقعة الثورة، وتعميم حركة الثوار، لتشمل أكبر عدد ممكن من الناس، ولذلك تراه يستبشر خيرًا بأصحابه عندما يقررون البقاء معه، ويدعو لهم، ولأهل بيته برضا الله ورضوانه.
وهو نفس المنطق الذي جعله يجلب عياله معه، ذلك أن جزءًا من مهمة نشر الرسالة وتبليغها، كان مطلوبًا من أهل بيته أن يؤدوه.
الحسين (عليه السلام) صورة مجسمة للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، فهو قد أخذ على عاتقه القيام بالأمر بالمعروف الشامل، وهو يرسم لك لوحة شاملة لقائمة المعروف، ثم يكشف لك منكرات عالم الإسلام كافة ويقول لك إن أول منكر، وأكبر منكر لذلك العالم آنذاك، هو شخص الحاكم يزيد.
وفي المقابل إنطلاقة يزيد إلى القتال مع الحسين (عليه السلام) كانت بهدف الخلافة وتحويلها إلى لعبة سياسية سلطانية.
كما وإن عمل أعوان بني أمية في واقعة كربلاء، كان يمثل قمة الدناءة، ومنتهى التقهقر، والانحطاط الأخلاقي، للأمة الإسلامية، وإن وقفة كربلاء الشجاعة، بقيادة الحسين بن علي (عليهما السلام)، هي التي شكلت الشرارة، والمبدأ اللذَيْن أشعلا نور المعرفة، والوعي، والحرية، لدى الأجيال المتتابعة بعد تلك الواقعة.
وإن الأمر العجيب الذي يلفت النظر في كل من واقعة كربلاء، ووقعة الحرة في المدينة، هو أن أعوان يزيد قد أظهروا دناءة وخسة نادرتين في كلا الواقعتين.
فهم كانوا يمارسون تلك الجرائم، في الوقت الذي لم يكونوا فيه ينطلقون من موقع الكفر المطلق، إذ كانوا يقيمون الصلاة، وينطقون بالشهادتين.
فإن حرب أصحاب ابن زياد مع الحسين بن علي (عليهما السلام) لم تكن حربًا عقائدية، بل حربًا ضد العقيدة.
أي إنهم أعلنوا الحرب ضد دينهم وعقيدتهم من أجل إشباع بطونهم، وأنفسهم بالشهوات والجاه والسلطان.
هذه أهداف كل من المعسكرين، وشتان بين المعسكرين.
خلاصة القول هدف قيام الإمام الحسين (عليه السلام) هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينما هدف قيام يزيد وأعوانه هو السلطة والجاه والخلافة والمال.
ما هي صفات أصحاب كل من المعسكرين؟
انتظرونا لنتعرف معًا عليها بإذن الله في الفقرة الأخيرة.
يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد