www.tasneem-lb.net

أخلاق

أخلاق - ها هو اليتيم بعين الله |26|

ثقافتنا
ها هو اليتيم بعين الله
|26|

أفقت مع الفجر على جلبة الرفقة، وهم يستعدون للرحلة، فقمت معهم أعد العدة.  وعـنـد الـفـطـور، أهــاب بـي غــلام، فمضيت إلـيـه، فـأخـبـرنـي أن الأمير يدعوني فانطلق بي إليه.  كان سيف قد انفرد بنفسه في غرفته المتواضعة، فلما دخلت عليه أكرمني، ودعاني إلى جواره، ثم قال: لقد صرفتني عنك زحمة الأعــمــال، ولــم تسعني الـخـلـوة بــك، فــإذا بلغني أنــك عـلـى أعـتـاب الرجوع، استدعيتك لألقي إليك ما ينبغي قوله قبل فوات الأوان.

قلت: شكرًا يا أمير، وسمعًا لك وطاعة! 
قال: فليكن هذا السر العظيم مطويًا حتى حينه!
 قلت: هو ذاك.
قــال: إنــي وجــدت فــي الـكـتـاب الـمـكـنـون الــذي اخـتـرنـاه لأنفسنا عـظـيـم خــبــر، واحتجب إلا على بعض الكبار مـن الأحـبـار.. أن فـي الـحـجـاز الـيـوم غـلام بصباحة الـوجـه وجـمـال الـخـلـق، بين كتفيه شـامـة كـالـخـز الأدكــن، مـات أبــواه أو قـد يـمـوتـان، يكفله جـده وعمه ويبعثه الله رسولا في مكة والجنوب من الحجاز، هو صاحب الشفاعة يـوم القيامة، ويجعل له الله أنـصـارا منا يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. سكت سيف هنيهة عن الحديث، ثم غاص في أفكاره، متأملاً، وخلى بينه وبين العبرة، فقال: يا ليت الأجـل  يمتد بسيف كـي يـكـون له عـونا وينصره بالغالي والـرخـيـص. كنت أسميه وأدعـو إليه، لولا خوفي عليه من الأعداء. أعثر عليه، يـا ابـن الأخـت، واحـرسـه، واحـذر عليه مـن اليهود، ألد الخصام.
ساورني على آمنة القلق،  فالتفت إلى سيف، قائلاً: شكرا لك، - يا أمير - على ما أطلعتني من السر أظن ظنا أنه حفيدي محمد، ففيه العلامات، على أن أمه ما زالت على قيد الحياة.

قال سيف: طوبى لك، يا بن هاشم؛ ثم طوبى لك، ما أسعدك يا شريف! أشهد أنني به آمن، وبما أتى به من رب العالمين. ثم تنهد بحرقة وقال: يا ليتني أدركته ففديته بنفسي ومهجتي. فما زال يردد قوله حتى ضمني إليه، ولثم وجهي، ثم أذن لي بالخروج.
إذا اردنـــا الـقـفـول، أمــر لـكـل مـنـا هــدايــا. لـي ٩٠٠ مـثـقـال من الـذهـب، و٩٠٠ مثقال فضة، ومـلء الـكـرش عنبر ولرفقتي مثل ما حملت.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد