www.tasneem-lb.net

قيم

زدني علماً - ثمن الجنة

قصة وعبرة
ثمن الجنة

مرت زبيدة زوجة هارون الرشيد ببهلول وهو يلعب مع الصبيان ويخط الأرض بأصبعه، فما رأت ذلك زبيدة تألمت فيما يصنع ثم قالت له: ماذا تفعل؟
قال البهلول للصبيان وهو يخط بتراب الأرض بأصبعه: لا تهدموا البيت الذي بنيته ثم ألتفت إلى زبيدة وقال: أما ترين أني مشغول ببناء بيت؟
أرادت زبيدة مساعدة بهلول إلا أنها كانت تعلم أنه يرفض ذلك تألمت قليلا ثم قالت: أراك تبني بيتًا جميلاً يليق بالعظماء وها أنا أرغب بشرائه منك.
أجابها بهلول وهو منكس رأسه إلى الأرض يخط على ترابها بأصبعه هذا البيت؟ نعم أبعه إياك.
نظرت زبيدة إلى الخطوط المعوجة التي رسمها بهلول على الأرض وقالت: اشتريت منك هذا الدار فكم ثمنه؟
قام بهلول على قدميه وأشار بيده على الصبيان وقال: بألف دينار لي ولهؤلاء الذين أعانوني على البناء.
أشارت زبيدة إلى خدمها وقالت:  أعطه ألف دينار، ثم أنصرفت عنه.
أخذ بهلول النقود وقسمها بين الفقراء.
مضت الأيام وذات ليلة رأى هارون في المنام أمرًا عجيبًا رأى كأنه يساق إلى الجنة فلما بلغ أبوابها قيل له هذا قصر زوجتك زبيدة فلما أراد الدخول منعوه من ذلك.
وفي الصباح التالي قص هارون رؤياه على علماء قصره فقالوا: سل زبيده على ما فعلت من بر.
فلما سألها أخذت تفكر في العمل الذي أستحقت من أجله قصرًا في الجنه فلم تتذكر سوى أنها أعطت لبهلول الف دينار، وقصت خبرها بذلك على هارون.
أدرك هارون ضرورة البحث عن بهلول ليشتري منه البيت الذي ليس له في هذه الدنيا قرار لكنه يكون في الأخرة قصرًا مشيدًا فأين بهلول؟
فوجده في مكان ما يخط بالتراب مع صبيان الحارة، قال لبهلول وهو يحاول عدم الاكتراث: أرى أقرب أقربائي يلعب مع الصبيان ويعبث بأصبعه على التراب.
أجابه بهلول: نحن نتمتع بما رزقنا الله في هذه الدنيا وها أنت ترى أني مشغول ببناء بيت على ارض الله لكي أبعه.
قال هارون: ليس قصور الملوك كالبيوت التي أنت مشغول ببنائها إلا أني مع ذلك أود شراء أحدها.
نظر بهلول لهارون نظرة تأمل ثم هزأ منه ضاحكا وقال: ثمن هذا الدار باهظ جداً.
قال هارون: كل ما تعلقت به رغبتنا لا يصعب علينا حصوله وأن كان ثمنه باهظًا.
ذكر بهلول آلاف الأكياس والبساتين والأموال الطائلة قيمة لتلك الدار.
سكت هارون والغضب أستولى عليه لأن ما طلب بهلول ليس بالشيء القليل فإنه لو جمع ثروات الأغنياء كلها لما بلغت سعر هذا البيت.
أراد هارون أن يعرف اللغز وراء كلام بهلول وما يريد من ورائه ولذا قال لبهلول: لقد بعت مثل هذا الدار لزبيدة أقل من ذلك بكثير فقد بعتها بألف دينار ولما أردت شراءها منك أراك تقول قولا شططا!
نهض بهلول من الأرض وبعثر ما كان قد رسمه على الأرض بأطراف أصابع قدمه، وقال: ليعلم الخليفة أن بينه وبين زوجته زبيدة فرقًا شاسعًا، فإن زبيدة اشترت وهي لم تر وأنت رأيت وتريد أن تشتري ثم عاد مرة أخرى ليلعب مع الصبيان.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد